تربية الانتماء للوطن
ان حب الوطن والإنماء اليه شيء فطري لدى الانسان بل لدى جميع الكائنات الحية فلا تجد كائن حي الا ويعيش في بيئة معينة لا يستطيع العيش في غيرها الا بصعوبة بالغة او لا يعيش , الا ان الانسان كائن متكيف يستطيع العيش في أي مكان ولكن يبقى الحنين للوطن الام شيء موجود لدى كل انسان مهما عاش في غير وطنه ومهما كان وطنه فيه من السوء ما فيه ولنا في رسول الله اسوة حسنة حيث ان {الرسول صلى الله عليه وسلم حينما خرج من مكة مكرهاً ، فقال بعدما التفت إليها (والله انك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا إني أخرجت من ما خرجت) رواه الترمذي فأعظم البشر حباً لله وولاءً له هو النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك لم يمنعه ولاؤه لربه من أن يعبر عن حبه لوطنه فقال لمكة (ما أطيبك من بلد وما أحبك إلي ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك) وعندما هاجر إلى المدينة واستوطنها ألفها وحينها أحب المدينة ودعا الله أن يرزقه حبها فقال (اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد) فدعا ربه أن يجعل حبه للمدينة كحبه لمكة إذ في مكة مولده ونشأته وفي المدينة منزله ومسكنه وكلاهما وطنه وحبه}.
فيبقى الحنين الى الوطن شيء فطري لدى الانسان فما بالك اذا كان هذا الوطن هو مهبط الوحي بلاد الحرمين الشريفين فالأمر يصبح شيء آخر والانتماء لهذا الوطن يعتبر انتماء شرف وفخر فأنت تنتمي لخير البقاع بلاد الحرمين وقبلة المسلمين وواجب علينا جميعا الانتماء بكل فخر لهذا الوطن والانتماء ليس كلمة تقال او هوية تعرف بها او جنسية تتميز بها عن باقي الاجناس ولكن الانتماء قول وفعل وعمل فيجب العمل من اجل هذا الوطن العمل على امنه واستقراره , العمل على تنميته وازدهاره في جميع المجالات ,العمل على تحسين صورة هذا البلد في أعين من يرى هذه الوطن برؤيته فيها نقص او ازدراء ,العمل على نهضة البلد اجتماعيا واقتصاديا وسياسياَ, والاهم من ذلك المحافظة على أمن هذا البلد ضد كل حاسد وحاقد وان لا نكون سلاح العدو الذي به يهدم وطننا وامننا واستقرارنا.
((قال الشيخ محمد شاكر – رحمه الله – في وصايا الآباء للأبناء: ” إياك أن تظن أن تقوى الله هي الصلاة , والصيام ونحوهما من العبادات فقط. إن تقوى الله تدخل في كل شيء فاتق الله في عبادة مولاك, لا تفرط فيها. واتق الله في إخوانك, لا تؤذ احدا منهم. واتق الله في بلدك, لا تخنه ولا تسلط عليه عدوا. واتق الله في نفسك , ولا تهمل في صحتك, ولا تتخلق بسوى الأخلاق الفاضلة” ))
ومن مقتضى محبة الوطن؛ المحافظة على ثرواته وخيراته، وعدم العبث بها وهدر أموال بيت المال، بحجة أن هذا المال للدولة؛ وأنا ابن الدولة، لا أنت مؤتمن على كل ما يُوكَل إليك من أعمال، وراع في وزارتك، أو إدارتك، أو في مكتبك، وأنت راع لمن ولاك ولي الأمر عليهم من العاملين.
ثم إن العجب من أناس وُلِدوا وترعرعوا ونشأوا، وتربوا وعاشوا في هذا الوطن، وأكلوا من خيراته، وتعلموا العلوم باختلاف التخصصات في مدارسه ومعاهده وجامعاته، ثم يخرجون على المسلمين، فيقتلون إخوانهم، ويدمرون ممتلكات وطنهم و مواطنيهم. ويحتجون بحجج واهية تملى عليهم من عودهم وهم لا يعلمون ما يراد بها .
وصاحب الدور الأول في تأصيل الانتماء للوطن ومحبته المحبة الشرعية لدى الناشئة، فهي الأسرة، التي فيها نشأ ونمى، فعليها الحمل الثقيل والعبء الأكبر في تلقين الأبناء الألفة، والولاء لهذا الوطن، ومحبة والعمل من اجله
وحب الوطن : لا يعني: الانفصال عن جسد الأمة الإسلامية، أو نسيان مبدأ الإنسانية، فلا ننصر مظلومًا، ولا نغيث ملهوفًا، ولا نعين مكروبًا، ما دام أنه ليس في حدود الوطن، والنبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: ((مَثَلُ المؤمنين في تراحمهم وتوادِّهم وتعاطفهم مثلُ الجسد الواحد؛ إذا اشتكى منه عضوٌ تَداعَى له سائر الجسد بالسهر والحمى))
اذن مفهوم الانتماء للوطن مفهوم واسع ومتشعب ولكن نقول لابد من تربية النشء على حب الوطن والانتماء له بطريقة تربوية مناسبة لاتدعوا الى العصبية العمياء المخالفة للشرع والدين .
وفي الختام حمى الله بلادنا من كل شر.
عايض بن عايض الاسمري